(Dogman (2018
Dogman أو رجل الكلب فيلم للمخرج الايطالى Matteo Garrone والذى يعتبر
الفيلم الروائى التاسع فى مسيرته الفنيه التى كان اشهرها فيلمىGomorrah الذى قام باخراجه فى العام 2008 وفيلم Tale of tales الذى أخرجه فى العام 2015 من بطولة النجمه Salma Hayek كما قدم فيلمين وثائقيين و
أربعة أفلام قصيرة ونستطيع القول أن جارونى
يعتبر امتداد لمدرسة الواقعيه الايطاليه التى ظهرت فى بداية الاربعينات من القرن
الماضى .
يقدم
جارونى من خلال فيلمه رجل الكلب الصراع الأزلى والمستمر بين القوه والضعف وهل يؤدى
الضعف الى القهر ومدى تأثيره على الانسانيه والكرامة من خلال قصة الصراع بين
مارسيللو الشخص الطيب الوديع الذى قد تنم ملامحه عن بعض السذاجه التى تصل الى
البلاهة فى بعض الأحيان ويؤدى دوره Marcello Fonte وبين الملاكم السابق صاحب الجسم القوى والملامح
الحاده والقاسيه المجرم الذى خرج من السجن لتوه سيمونى هذا الصراع الذى يختصر
الصراع بين القوه والضعف وبين الظلم والقهر وأيضا بين الذكاء والغباء .
يبدأ
الفيلم بمشهد فى غاية الأهميه لكلب شرس حاد الملامح يشبه كثيرا فى ملامحه سيميونى
يقوم مارسيللو بمحاولة تهدأته وترويضه والكلب فى حالة هيجان ونباح مستمر تمنع
مارسيللو من مجرد الاقتراب منه .. ثم بعد لحظات ينتهى هذا المشهد وقد تمكن
مارسيللو من السيطره تماما على الكلب الشرس ويقوم بغسله وتنظيفه وتقليم أظافره والكلب تحول الى
حاله من الاستسلام والوداعه والألفه لجليسه .. هذا المشهد الافتتاحى يختصر تماما
وجهة نظر وفكرة جارونى التى يود ايصالها من فيلمه .
العلاقه
بين مارسيللو وسيميونى علاقه غير واضحة الملامح هل هى حقا صداقه غير متكافئه أم هى
علاقة يسيطر عليها الخوف أم ان مارسيللو يحاول ان يستكمل ما ينقص شخصيته من خلال
قوة وجبروت سيميونى وهو ما أدى الى الاعجاب به وبمارساته التى تتسم بالبلطجه لدرجة
انه يكون شريكه ومساعده فى جرائم الاتجار بالمخدرات التى يقوم بها
عامة
تستمر العلاقه بين الاثنين بنفس المنطق والشكل الى أن يقرر سيميونى القيام بسرقة متجر تاجر الذهب
جار مارسيللو عن طريق الدخول من متجر مارسيللو .. يرفض مارسيللو سرقة متجر جاره
وصديقه ورغم ذلك ينفذ سيميونى الجريمه التى يتهم بها مارسيللو لأنها تمت عن طريق
الاقتحام من ناحية متجره الذى تم الدخول اليه بطريقه شرعيه وبالتالى لصقت التهمه
بمارسيللو ومع محاولات المحقق ان يحصل على اعتراف يدين سيميونى يرفض تماما مارسيللو
رغم ظهور علامات التردد على وجهه ولكن يقبل بالمعاقبه على جريمة سيميونى ويقضى عام
بالسجن تنتهى معها أحداث الجزء الأول من الفيلم .
يبدأ
الجزء الثانى من الفيلم بخروج مارسيللو من حبسه الذى فرقه عن ابنته التى تعيش مع
والدتها مطلقته ويطلب من سيميونى ان يعوضه عن فترة حبسه بنصيبه من السرقه ليعوض
ابنته عن غيابه عنها وقطعا يرفض سميونى ويعتدى على مارسيللو بالضرب والاهانه لتكون
بذلك بداية التغير فى علاقتهما وبمثابة الانفجار الذى يحدث فى شخصية مارسيللو
ليتحول من شخص وديع مسالم منقاد من شخص سيميونى الى شخص انتقامى يحاول ان ينتصر
على قهره وضعفه مستخدما الحيله والذكاء لنستعيد بذلك المشهد الذى قام فيه بالسيطره
على الكلب الشرس والمشهد الذى قامت ابنته الطفلة رقيقة الملامح بمساعدته فى تمشيط
الكلب الضخم القوى وقد تحول امامهما الى كلب صغير وديع
يقوم
مارسيللو بقتل سيميونى بعد أن قام باستدراجه بالحيله وفى مشهد يقوم بحمل جثته
متوهما انه يأخذها لاصدقاءه وجيرانه الذى يتوهم بوجودهم وهم غير موجودين ليفخر
بأنه قد نجح فى التعبير عن قوته واظهار قدرته فى القضاء على شر سيميونى ليدل على
حالته النفسيه والقهر الذى يعيشه ويريد ان يثبت أنه تخلص منه
نجح
الممثل Marcello Fonte فى أداء شخصية مارسيللو وقد استغل جميع أدواته .. نظرات العين
نبرات الصوت ولغة الجسد فى اظهار التحول من القهر والبؤس والانكسار الى الانتقام
والجبروت والعنف فى النصف الثانى من الفيلم وكأنه تحول الى شخص اخر تماما غير الذى
بدأ به الفيلم واستحق تماما الحصول على جائزة أفضل ممثل من مهرجان كان عن هذا
الدور الصعب والرائع .
كما
نجح المخرج Matteo Garrone فى تأكيد فكرة الفيلم من خلال التشابه بين شخصيات الفيلم
والكلاب ومن خلال المشاهد السابق ذكرها التى اختصرت فكرته والتحول الذى حدث فى
الفيلم بنصفيه الأول والثانى على النحو السابق ذكره .. كما استخدم التصوير
والاضاءه بشكل رائع لتأكيد هذا التحول حتى المشاهد والأجواء المناخيه وتحولها من
الصفاء والاشراق الى الغيوم والظلال عكست هذا التحول والتغير فى أحداث الفيلم
وشخصية بطله لتصل بنا فى النهايه الى عمل فنى قيم وغنى بالابداع وبشكل بسيط وسلس
بلا محاوله لخلق حاله من الافراط فى العمق او الفذلكه بالتعبير الدارج لنحصل على
فيلم جميل ومسلى وفى نفس الوقت ذا قيمه فنيه وفكريه عاليه ومتميزة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق